Wednesday, May 5, 2010

من الذي مل القصص المكررة ؟؟

لا زالت بعض الساعات باقية
.. و انا بحاجة لتعيرني آذانك قليلا .. ربما مللت الأحاديث المكررة .. لكن هل نملك حكيا غير قصصنا المختلفة .. عن نفس الأشياء ؟؟
.. علي سطح العمارة المقابلة يوجد كلب مربوط .. و في نفس الموعد ساعة الغروب الشاحبة .. يصلني نباحه الكئيب .. و أصعد الي سطح عمارتنا .. أجده يقترب من حافة السور ثم يشب حتي يصل بالكاد مستواها ..عبثا يحاول أن يرفع رأسه فوقها ليري الدنيا تحته .. لكن السلسلة المشدودة علي نهايتها تأبي .. وهو يترجع ثم يحاول مجددا .. ثم يعود يلهث و يراقب قرص الشمس الغارب و ينبح نباحه الكئيب
.. لا زالت بعض الساعات باقية
فدعني أخبرك أن تلك البنت في عربة المترو كانت مصابة بحول شديد .. حولا كاملا هو أول ما يسترعي انتباهك عندما تراها .. و لا يمنحك فرصة لتجاهله .. و يغريك بالتعاطف .. و أنا تعاطفت .. و ندمت .. ما يفعل التعاطف ؟؟ .. في جميع الأحوال هي فقدت شيئا .. فدعنا نعتاد منظرها و نلاعبها مثل والديها .. بلا تكلف أو استعطاف .. دعها تكبر و تتعلم و تعمل بيديها .. دعها تكون مهمة في مكان ما .. و لا تلمح بعطفك السخيف الي اعوجاج عينيها الشنيع .. دع الحقيقة باقية كما هي و لا تضعف .. و لا تضعف الآخرين بضعفك .. الذي يمتهن القتل لم يفهم يوما سوي أن القتل مهنة .. فدعنا لا نعاتب الناس علي عاهات أرق كثيرا من القتل .. دعنا لا نحاصرهم .. أليس القتلة هم أكثرنا تذوقا للحرية ؟؟
!!
.. بعض الساعات باقية
.. فدعني أخبرك عن السيد ممثل مؤسسة العدل الذي أوقف سيارته بعنف أمام الميكروباص .. ثم اندفع من بابها مباشرة الي السائق ليحاول صفعه من خلال النافذة .. و كانت مبرراته بين الشتائم واضحة .. " انت بتكلم وكيل نيابة " .. لا أحد في الميكروباص تذكر من كان مخطئا في الاثنين .. لكن امتعاضا ساخطا وحد بين الجميع .. نحن لم نخف صدقني .. لان غضبنا فاق الخوف و حواه .. و لولا النهايات السلمية المعتادة التي يحسمها المارة دائما .. لتحول الغضب اعصارا فتاكا جماعيا لا يكترث للمناصب أو رنين الألقاب
.. بعض الساعات باقية
و الطبيب النفسي يخبرني عن مريضه الذي سيطرت عليه فكرة أن يعد الحروف الخارجة من شفتيه باستمرار .. كلمني عن كفاح الرجل و محاولاته المستميتة للهروب من فكرته القاهرة .. قبل أن ينتهي عذابه تحت عجلات قطار المترو
.. بعض الساعات باقية
.. و ليس للأمر علاقة بحب العمل أو كرهه .. لكن عشر ساعات او اثني عشر في مكان واحد ليست عملا .. انها ثقل خانق لا يتحمله انسان .. صدقني ليست مسألة حب أو كره .. فربما تعمل عملا تحبه .. لكنك تغرق فيه سعيا وراء مال أو تحقيقا لمركز اجتماعي او مسئولية يفرضها عليك صاحب العمل الأصلي .. و في النهاية تصبح عاملا جيدا .. لكنك لا تعد تذكر أنك أحببت شيئا .. هل عرفت الآن ما أقصده ؟؟ .. ربما مللت الأحاديث المكررة لكن القهر ليس حديثا مكررا .. القهر حياة نحياها و نتفسها دون حتي أن نشعر .. ليس عاهة مستديمة أو عربة مصفحة أو فكرة مسيطرة .. القهر شعور .. بالخوف و بالنقص و بالعجز .. ليس فقط أن تعمل عملا لا تحبه .. لكن .. أن تعمل عملا لا تحبه و لا تكرهه .. أن تصبح ترسا ميكانيكيا في نمط آلي كبير .. القهر ليس احتكارا لأصحاب السيارات الفارهة و الكرافتات و الألقاب .. بل حوار مستمر تلقائي بيننا لا يتوقف و لا يجهل أحدنا لغته .. لمحة عادية عابرة في روتين الحياة اليومي .. قطعة من نظراتنا و كلماتنا و افعالنا .. مرايا يحملها كل منا ليلقي الي صاحبه جزءا من السلسة المشدودة حول عنقه .. فلا تنزعج
.. انت مللت الاحاديث المكررة لابد .. لكن اقبل اعتذاري .. انا مدين بعشرات الاعتذارات .. لذلك الذي سبقته الي مكاني في طابور التذاكر .. و لتلك التي لم أرفع عيني عنها طول الطريق .. و لهؤلاء الذين استمتعت بتجاهل مساعدتهم بعد ساعات العمل الطويلة .. اقبل اعتذاري انت علي الاقل .. انا لم أمنحك شيئا مهما لكن اسمع
.. لو لم تلقي بنفسك اليوم تحت عجلات المترو .. اكتب من فضلك
.. مهما كان حديثك مكررا
.. لربما كنت موجودا اقرأك
.. انا مضطر للعمل الآن صحيح .. و لن أري اليوم شبة جاري الكلب ساعة الغروب الشاحبة لكن
.. بقيت ساعات قليلة
.. و في أوقات عزيزة .. سأهرب ربما من روتين الحياة اليومي
.. و سأقرأ لك ساعتها فلا تبتئس
.. انا لا أملك سوي وعدي برد الدين
.. فاكتب
.. مهما كان الحديث مكررا
.. اكتب
.. من يدري
.. لربما كنت موجودا ساعتها
.. من يدري
!!!

3 comments:

Anonymous said...

عبثا يحاول أن يرفع رأسه فوقها ليري الدنيا تحته .. لكن السلسلة المشدودة علي نهايتها تأبي ..
.. لا زالت بعض الساعات باقية
لا تضعف الآخرين بضعفك .. الذي يمتهن القتل لم يفهم يوما سوي أن القتل مهنة ..
أليس القتلة هم أكثرنا تذوقا بالحرية ؟؟
!!
.. بعض الساعات باقية
.. بعض الساعات باقية
.. بعض الساعات باقية
صدقني ليست مسألة حب أو كره
هل عرفت الآن ما أقصده ؟؟
ربما مللت الأحاديث المكررة لكن القهر ليس حديثا مكررا
فلا تنزعج
انت مللت الاحاديث المكررة
لكن اقبل اعتذاري
انا مدين بعشرات الاعتذارات
اقبل اعتذاري انت علي الاقل
.. بقيت ساعات قليلة

سأقرأ لك ساعتها فلا تبتئس
انا لا أملك سوي وعدي برد الدين
.. فاكتب
.. مهما كان الحديث مكررا
.. اكتب
.. من يدري
.. لربما كنت موجودا ساعتها
.. من يدري
!!!

mirage said...

ليست الأحاديث هي المكررة
بل الألم الناتج عنها يثير في ذاتنا المشاعر نفسها المكررة
!

youssef said...

الذي لم يذكر سوي وجوده :

هاعرف ازاي انك عايش بكرة : اتكلم ساعتها


ميراج


نفس الألم و نفس المشاعر
كلها جزء من الجميع .. بشكل ما
!