Thursday, November 25, 2010

الخوف أو الجنون



و الله يا اخي انا باحسدك عشان عارف انت عاوز ايه بالظبط .. يعني تكيييف و دش و نسوان و مفيش مانع من سيجارتين الحشيش معاهم كمان .. اهو انا بقي عمري ما عرفت انا عايز ايه بالظبط .. طول عمري بارضي باللي بتديهولي الدنيا حتي لو كان قليل .. و اللي بتحوشه عني بازهده .. باستغني عنه .. ماعرفش ليه .. او اقول لنفسي معلش.. اللي مجاش النهاردة يجي بكرة .. بس من كام يوم كده بصيت علي وشي و وش يحيي في المراية لقيتنا كبرنا .. كبرنا يا سامي و الدنيا مدتناش اي حاجة .. تفتكر البلد دي معندهاش حاجة تديهالنا و لا احنا اللي مش عارفين ناخد منها حاجة ؟؟

.. هه طب و تفرق ايه ما كدا كدا محدش واخد منها حاجة

.. لا تفرق .. لو العيب فينا يبقي ما تفرقش البلد دي عن غيرها .. انما لو العيب في البلد يبقي مش عيب اننا ندور علي بلد تانية .. صح و لا لأ ؟؟

.. عارف يا يوسف الفرق بين البلد دي و غيرها .. ان البلد دي محجوزة بوضع اليد لناس تانية وانا و انت ايدينا مش طايلة .. و عشان كده ملناش ف خيرها نايب .. و اللي انت بتسميه زهد دا انا باسميه تكيف .. تكيف مع الظروف .. مستغني عن ايه يا يوسف .. عن انك تحب و تتجوز .. و يبقي عندك بيت و عيال و شغلانة محترمة .. و احساس بالامان .. مستغني عن ايه ؟؟ .. هه امسك امسك خد نفس عميق و اتكيف
..
.. بقي دا كلام ناس عاقلين
.. يا ستي معلش خديني علي قد عقلي
.. لا خليهلوك اما انا احب امشي بعقلي انا
.. انتي عارفة يا جميلة ايه اللي تاعبك .. انك بتحسبي كل حاجة .. مش كل حاجة بتتحسب .. جربي مرة تخرجي من غير متبقي عارفة انتي رايحة فين جايز رجليكي توديكي لحاجة احلي بكتير من اللي في تفكيرك ..
..

اصل لما الاسانسير عطل و فجاة لقيتك في حضني .. حسيت ساعتها انك بتاعتي وان انا مسئول عنك .. و لما شفت يوسف و جميلة في الفرح اتمنيت اننا احنا نكون مكانهم .. بس ساعتها افتكرت ان احنا لسه بقي لنا مع بعض نص ساعة .. مكنتش اعرف حتي اسمك .. كنت عايز اقولك تتجوزيني بس قلت هتقول علي مجنون .. احنا دلوقتي بقي لنا11 ساعة مع بعض .. يعني ممكن اقولك تتجوزيني و لا برضه هتقولي عليا مجنون ؟؟ .. انا عارف اننا علي باب الله و اهلي كمان علي قد حالهم .. بس مش عارف ليه حاسس اننا متفاءل .. او مجنون !! .. انتي وذوقك بقي ..
..
هو انتي صحيح بتعرفي ترقصي زي ما ماما بتقول ؟؟
.. ايه اللي انت بتقوله ده ؟؟
ايه انتي نسيتي ان انا جوزك و لا ايه ؟؟
لا انا منسيتش انت اللي نسيت يا يوسف دي تمثيلية و ارجوك متقلبهاش بجد
.. ليه مقلبهالش بجد ليه .. مهو يامة افلام كتير البطل فيها حب البطلة بجد .. عارفة ليه ؟؟ .. عشان في الحقيقية هو مش بطل .. هو بني آدم ..
يقترب يوسف .. يكاد يقبلها .. فتدفعه بقوة و تصرخ .

.. لا
.. ليه ؟؟
.. عشان .. عشان بحبك
.. و اللي بيحب حد يعمل فيه كده ؟؟
.. اصل دا مش لازم يحصل
.. ليه ؟؟
عشان انا لازم اسافر
.. طب محنا هنسافر مع بعض
.. طب و لو الهجرة مجتش ؟؟
طب و ايه يعني ما احنا برده هنبقي مع بعض
.. مع بعض ازاي يا يوسف ؟؟ .. فين و بايه ؟؟ .. بالميتين جنيه اللي اديهملك النهاردة .. و لا بالمية جنيه اللي هيدوهالك لما يمشوك ؟؟ !! .. فوق يا يوسف الافلام حاجة و الحقيقة حاجة تانية
..
ترمي الطبق من يدها بعنف تصرخ مع الشظية التي طالت عينها .. يهدئها يوسف و يبل يده بقليل من الماء ثم يدلك جفنها المقفل برفق و نعومة
.. فتحي
.. تفتح جميلة عينيها علي وجه يوسف الحنون الدافئ يبتسم لها .. و يستسلم الوقت في عينيها أخيرا .. يتهاوي جدارثقيل متداعي .. فينكشف عن طفلة صغيرة ترقص منتشية كان لا نهاية للعالم و لا وجود للخوف .. و يعرف يوسف في هذه اللحظة .. طريقه سهلا أخيرا الي شفتيها .. و يطاوعه جسدها فيلبي جسده .. و تسقط الأستار عن الروح المنهكة التي لم يفسدها طول الانتظار .. و تنفذ جميلة الي العالم الذي طالما راوغته .. فيمتزج شئ ما في بقعة غير معروفة لعالم الاحداث اليومية الجارية بآخر.. تفاعل ما مهول يدور في طبقة خفية من طبقات الكون يتكشف .. ديناميكيا لا تفسرها علوم الدنيا كلها .. جسد ضعيف ينقذ روحا مأزومة .. و أقصي درجات التعري تعانق ألذ درجات الدفء .. الاثنان يصبحا واحدا و الواحد يصبح الكل .. تفتح جميلة عينيها و يري يوسف ذاته أخيرا .. فتصبح اللحظة اقوي من كل الكلام الذي قيل و كل الاحلام التي تاهت و كل الحسابات التي لم تحسم .. تصبح اللحظة اعلي من القلق و أقدس من الحياة و اقوي من الوجود ذاته .. تصبح معجزة خارقة مذهلة خارج نطاق الفكر.. و اعجب من ان يعني منطق او ينهش خوف .. و عندما يستلقي يوسف علي ظهره و تنكمش جميلة علي جسدها و اناملها تدور علي الحلقة المعدنية في بنصرها الايسر لا احد يعلم يقينا .. لمسا أمانهما للتو .. فهل قهرا الخوف أبدا .. أم أن الوحش المترامي رابض في أعماقهما متمكن لا زال كأنه ينظر اليهما من عل ساخرا و يقول : أنا أحويكما .. أنا الكل .. الفئران تلعب و تركض و تعبث .. ثم تتخبط .. داخل المصيدة .. فأين المفر .. أين المفر ؟؟



Friday, November 19, 2010

الشئ في ديسمبر

.
.
.
العالم نصف باهت خلال اسمك المحفور في بخار ماء طبعته انفاسك علي الزجاج .. رجفة اناملك المباغتة تلذع قلبك فتهرب يدك الي دفء جيبك المحتمل .. و شعاع شمس وحيد يداعب جبهتك اذ ينسل مجاهدا عبر السحب المتماسكة في عناد .. أهذا هو ؟؟ .. ما قصة ديسمبر ؟؟ .. و كيف حسبتهم حمقي اذن .. من يتلهفون علي صفحة الأبراج في الجريدة .. و من يرون الدنيا في بريق خرزة صماء .. و من يصدقون أن ألوانهم المفضلة حتما ستجلب الحظ السعيد .. أي حماقة اذن .. و لست حقا سوي أحمق آخر .. يصدق أن ديسمبر ساحر موسمي مجهول .. يصبر علي الجحيم الي حدود .. ليبدل الدنيا بعصاه العجيبة .. ماذا فيه ؟؟ .. و انا أكره قدومه السريع .. حتي لا يذهب سريعا .. و يتركني مجددا أواجه عاما ثقيلا جديدا .. ألأني أحب النقاط الفاصلة اذن .. أحب التحولات .. أن تنتهي قصة وتبدأ أخري من قلبها .. و أتمني لو تدوم نقاط الحبكة حيث الصراع يبلغ أشده .. و آسَفُ لرحيلها تاركة بقايا السرد النمطية .. ما المميز بديسمبر ؟؟ .. الاشكال الغامضة يرسمها بخار انفاسك في صباح قارص ؟؟ .. الشبورة تبتلع انصاف الاشياء في قلبها ؟؟ .. و " البرد " .. "البرد " يزكم انفك يؤرق لمسات الهواء المجاهدة لانعاش رئتيك .. و عيناك الني نسيت مذاق الدموع تبتل قسرا .. فتري الدنيا من جديد متراقصة خلف امواج الملح التي ابتعثت الشجون من قلبك .. أديسمبر هو الموج ؟؟ .. هو لا يكون هو بغير بحر .. و انا كنت وحيدا هناك آخر مرة .. فقلتَ أني متشرد مجنون .. و آخر مرة كنا معا هناك امطرت .. قبل أن نصل قهوتنا في الازاريطة .. قلتَ لي مبهورا : تمن أمنية .. و عندما سألتني و نحن ندخن علي المقهي فقلتُ لك : لا لم أتمن .. قلتَ أني أبكم .. سأعيش و أموت .. .. لكنك يا صديقي الذي يجري فيَّ كدمي لا تدرك كل شئ .. أفكر كالعجائز و أحلم كالاطفال و أتصرف كالمراهقين .. أين هي الحقيقة فينا .. و ما اللغة التي تنطقها الأحلام ؟؟ .. يا صديقي نحن لسنا بكما .. لكن الكون أحيانا لا يفهمنا .. و لا يمكنه أن يسع أمنياتنا البسيطة .. تافهة هي كرذاذ ينبوع يرطب مسامك في صحراء قاحلة .. سحيقة هي كطموح يري أفقا لا يبلغه أبدا .. مارقة مجنونة .. تدهس جسور الواقع تعبر بها الي خلودها الكذاب .. عظيمة هي .. تضرب في أرجاء الكون و تبلغ مداه ثم تسقط .. في هوة مخيفة معتمة من الحيرة و القلق و الضياع .. و لا يفهمها الكون أبدا .. و علي هوله لا يستوعبها .. المحيط شاسع .. يضرب المدن و يبتلع المراكب العظيمة .. لكن .. ما الذي يدريه عن أحلام البساريا الصغيرة ؟؟ .. ألف محيط لن يحووا الدموع .. و ألف نهر لن يرووا الظمي .. و ألف ليلة لن يكفوا لأحكي لك .. و ألف حكاية لن تكفي لنصل حقيقة واحدة .. فلا تلق بالا .... ذاك الخائف أنا لا زلت .. خائف من التصريح .. عاجز عن البوح .. فيا صديقي الذي يجري في كدمي .. لا تلمني .. و لا تؤمن بأن ديسمبر ملائم للانتحار جنونا ؟؟ .. صغيرون جدا نحن لنعلو علي حماقاتنا الصغيرة حتي نجابه هذه الحكمة .. أو قدرنا أن نشق الطريق من أدني أدناه .. و مأساة أننا نتسرع .. نندفع - نصف مختارين - فنسقط سريعا .. ثم نظل نبكي علي ارواحنا المشروخة و خدوشها التي شوهت مذاق الأيام .. و أثقلت الرحلة بذكري بغيضة تنحرفي القلب المصدوع .. فحذار من التلهف الذي يطفئ شموعنا مبكرا .. و يتركنا في ظلماتنا نتخبط .. لا نعود أدراجنا أو نقدر علي مواصلة الصعود .. لا .. لا تزهد .. لكن أبق بعضا من حبك للغد حتي لا تخبوسريعا .. ولا تدع بريق الشهوة يخطفك فيطفئه لهث انفاسك المنهومة .. ثم تموت مللا كل يوم .. نحن تافهون علي كل هذه الحكمة .. فاصبرعلي ذاك الدرب .. مد يدك .. استند .. و دعنا نحفر ينبوعا جديدا في صحرائنا و نبتهل .. حتي يوم نضارع فيه شيئا من حكمة الكون الجبار ..
..
أصحيح أن ديسمبر يصادق الاكتئاب ؟؟ .. ديسمبر ليس مفكرا عجوزا و لا مكتئبا يائسا صدقني .. ليس وعدا أن شوارع قديمة ستتلون مزهوة مرحبة .. وليس واقعا أن احلاما مطمورة ستصحو من سبات .. الصدق أني لا أدرك حقيقة ما أرغبه فيه .. فقط أنتظره مشتاقا .. و أكره رحيله السريع .. ربما هو النهاية ترسم البداية القادمة .. و ربما هو الألوان الجديدة تجعل العالم مدهشا مرة أخري .. أوهو حلم سحري كاجنحة الفراشات الزاهية .. أخبرني أنت عن سر برج حظك او معني خرزتك الملونة الأثيرة .. لستُ سوي أحمق آخر معترف .. يفكر كالعجائز و يحلم كالأطفال و يتصرف كالمراهقين .. قل أنها مصيبة ذاك الضياع لكن .. أين الحق فينا ؟؟ .. شطوط الحقيقة تراوغ البصر فارحم عقلك من الابحار و دع مراكب القلق بلا ربان .. و تأمل .. بعيدا عن ضوضاء مدينتك المفزعة
... اختبئ تحت غطائك الوثير في ليلة في أواخر ديسمبر .. ثم استرخي كطفل اشبعته حدوتة قبل النوم بعد يوم صاخب
.. تمني عودة سعيدة لرذاذ الأمطار العزيز
.. ستنقذ حب حياتك المتداعي غدا أيها المغامر .. فلا تقلق
.. و حتي يأتي ديسمبر جديد
أغمض عينيك