Thursday, February 4, 2010

أوغاد .. و أوغاد

عرفت أنه لن يقتلها .. انه يقتل دون أن يطرف له رمش أو يضيع الوقت في مهاترات .. لكنه لم يقتلها لأنه كان يحتاجها .. مجرد أداة تقوده لمكان السي دي الذي يحتاجه .. ثم يتخلص منها اذ يصل الي غرضه .. و لم تفسد المشاهدة .. بالطبع ستربح البطلة وقتا لا بأس به لتبتكر وسيلة - او ربما تجد مساعدة ربانية - للهروب ثم الايقاع بالوغد كالعادة .. لا بأس .. المهم أنها ربحت الوقت بمبرر درامي مقنع و مشروع .. ليس لأن القاتل أخذ يسترسل في روايات سخيفة أو استعراضات مفتعلة قبل القتل .. القاتل الحقيقي يعرف ما يريد حقا .. و يستخدم كل الأدوات الممكنة لتحقيق غرضه .. ثم يتخلي عن الأداة كما يتخلي عن أعقاب السجائر الفارغة .. و هو الفرق بين الأوغاد و الأخيار
فهؤلاء السادة ذوي الأرواح المرهفة و القلوب النبيلة كثيرا ما يعافون أشياء كالقوة و السطة و المال .. يقولون أنها أغراض دنيئة لا تعلق بها أرواحهم النقية الطيبة .. و يفضلون الحيوات الهادئة المستقرة التي لا تطمح الي أي من هذه القذارات .. و يكفي أنهم يسمون ببرائتهم و طيبتهم فوق الماديات الوضيعة .. و يكفي أن أرواحهم ترنو لعوالم أبعد و أبقي من عالم الأشرارالدنس الحقير .. السادة الأخيار يقعون في الاشتباك كثيرا .. لكن دون جهل ربما .. ربما كانوا يعرفون أنهم يملكون جوهرا بديعا يحققونه في عالمهم الجميل .. يزيحون ألما أو ينقذون روحا أو يلهمون الآخرين الأمل والحياة .. لكن المال و المنصب و الشهرة - أو أي مظهر آخر للسلطة و التأثير - ليست سوي أدوات .. طرق يشقونها ليصلوا بها لحقيقتهم الأولي .. الجواهر المضيئة بداخلهم .. أما السادة الأوغاد فهم لا يحملون نفس الجواهر البديعة .. لذا اذ يحققون أنفسهم قاطعين نفس الطرق لا ينتهون الي نهايات الأخيار الطيبة .. بل يظلون في الأدوات التي تصبح ذاتها غرضا يستزيدون منه لانفسهم دون شبع .. انهم لا يعنيهم الآخرين في شئ .. فما بعد المال او القوة او المنصب اذن غير الاستزادة لانفسهم في نهم لا ينتهي يضيف الي الأشياء البراقة أكثر ما يضيف الي أرواحهم الخاوية في الأساس ..
و السادة مدعو البراءة .. ربما كانوا يفهمون الأمور جيدا .. لكن ماذا لو زجت بهم أصابع الأقدارالملتوية االي المواجهة الصعبة زجا .. علي نفس الطريق و الطموح جنبا الي جنب مع الأوغاد .. كثيرا ما تجدهم هنا يستسهلون .. و يتكاسلون عن اقتحام المعارك و خوض الحواجز و المطبات في الطرق الوعرة التي يتنافسون فيها مع من لا يعرفون الرحمة و لا يخضعون لقوانين .. ربما فضلوا الحياة الدافئة البسيطة مكتفين بالعطف علي الفقراء علي الأرصفة أو التبرع للجمعيات الخيرية أو توزيع الملابس في الأعياد و هم يبتسمون في رضا و يتأملون في هدوء و يسألون الله القبول و التيسير و راحة البال .. و يوهمون أنفسهم بأنهم تركوا المال و النفوذ للأوغاد الذين تغويهم الدنيا و تعمي أبصارهم عن الحقائق المضيئة السامية .. لكنهم يعلمون جيدا أنهم تركوا الخام لا المباني النهائية .. هم في قراراتهم يعلمون أن انسحابهم و ترك الساحة للأوغاد .. يجعلهم نوعا آخر من الأوغاد .. نوع أكثر وضاعة .. فهو أكثر انانية و نفاقا ..

No comments: